"الشيطان دائما يبتكر"..

الحمار الإسباني والعذراء والسكاكين الدوارة.. أسوأ أدوات التعذيب في محاكم التفتيش ضد المسلمين

في كل العصور الدكتاتورية يبدع الحاكم الفرد في إمعان الذل بين الناس من أجل تثبيت قواعد حكمه، حتي يصل الدكتاتور وحاشيته للتلذذ بالتعذيب في وقت ما، فيتحول الأمر من التعذيب لتثبيت أركان الحكم إلي القهر من أجل التلذذ بصرخات البشر.

 

العديد من العصور البشرية وفي مختلف دول العالم، شهدت صورا مختلفة من التعذيب علي يد الحكام المتسلطين وحاشيتهم، وذلك من خلال العديد من الأدوات التي وقف الشيطان إجلالا لجحود العقل البشري في ذل أخيه الإنسان.

 

هذا ما دفع الدكتور محمد عبد الوهاب، أستاذ التاريخ والباحث في مجالات التعذيب والاغتيال السياسي، لتجميع كل وسائل التعذيب في مكان واحد أطلق عليه "متحف التعذيب"، ليعرض من خلاله توثيقا وتأريخاً لجميع وسائل التعذيب من بدء الخليقة الي محاكم التفتيش الي محارق النازية لمجازر الصهاينة لسجن القلعة وتنظيم داعش.

متحف التعذيب الذي يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط وافريقيا، وربما يكون الأكبر في العالم يضم 750 وسيلة تعذيب تضم مجموعات مختلفة أدوات التعذيب التي استخدمها الإنسان بهدف انتزاع اعترافات من أشخاص أو لقتل من يخالفهم الرأي، علي رأسها بالطبع الكرابيج لجلد الأجساد، والسواطير لقطع الأيادي والأقدام، وأدوات كي وحرق.

 

 

 

فكرة المتحف الذي أسسه الدكتور محمد عبد الوهاب، تقوم علي كشف هذه الأساليب للرأي العام، لذلك قام بتجميع أدواته من جميع أنحاء العالم، كما طالع المئات من الكتب التاريخية القديمة بحثا عن أشكال لتلك الأدوات ليقوم بتصنيع شبيه لكل ما اندثر منها، مبينا أنه تقدم بطلب رسمي للمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء السابق، لتأسيس المتحف بسجن قلعة صلاح الدين.

عدسات كاميرا "الإيجيبشيان جيوجرافيك" انطلقت في رحلة خاصة جدا إلي المريوطية بالهرم حيث يقبع متحف التعذيب، لترصد عن قرب تاريخ من "الأيام السوداء علي بشر كانوا يرون الموت في كل لحظة"، ليكون دليلا وشاهدا على تلك العقول البشرية المريضة، التي لا يسعدها سوى منظر الدم والأشلاء المتطايرة، ولا يشغلها إلا كيفية صنع وسيلة تعذيب جديدة، لكي تستمتع تلك الطبيعة السادية والنزعة الشرسة بداخلهم.

 

في السطور التالية نرصد واحداً من أسوأ العصور، والذي كان شاهداً علي واحدة من أسوأ عهود الاستبداد علي مر التاريخ، وذلك في محاكم التفتيش بالأندلس «إسبانيا»، من قتل ممنهج للمسلمين علي يد مسيحيو أوروبا.

 

 

 

بمجرد أن تطأ قدماك مدخل المتحف ستشعر برائحة الدم، وستعيش وكأنك تسمع أصوات المعذبين وصراخهم، يستقبلك شعار المتحف الذي حرص المؤرخ المصري علي وضعه في المدخل، وليوحي بلونه الأحمر الدامي وجمجمته البشرية المشوهة، والبلطتين اللتين تقفان علي جانبيها، والسلسلة الحديدية التي تحيط بها.

بدأت الزيارة بشكل من أشكال الإثارة، فبمجرد أن انفتح باب المتحف نجد سردابا ضيقا لا نراه إلا في أفلام الرعب الهوليودية، مدخل من ضيقه أجبرنا علي الولوج إلي داخل المتحف سيرا فرادي وعلي الأجناب.

 

"الفيرجين.. أو العذراء".. كانت أول آلة للتعذيب يمكن أن تراها بمجرد دخولك "بوابة جهنم"، كما يحلو لصاحبها أن يطلق عليها، وهي الأداة التي كانت تستخدمها محاكم التفتيش في أوروبا العصور الوسطى، ولم يكن الهدف منها التعذيب، بقدر ما كان الهدف منها الموت بالتعذيب والإذلال قبل الموت، فهي عبارة عن صندوق ممتلئ بالمسامير الغليظة الحادة، والتي تخترق كل جزء جسد الإنسان المراد قتله.

 

"عن طريق العذراء كانوا يتعمدون قتل الإنسان بالهلع".. قالها الدكتور محمد بامتعاض، وهو يخبرني أنهم لم يكتفوا بقتل الإنسان، وإنما كانوا يتركون الجسد الميت داخل الآلة حتى يتحول إلى هيكل عظمي، وعندما يرغبون بقتل شخص آخر، ينزعون الهيكل في وجوده، ليتلذذوا بصدمته العصبية قبل موته.

بجانب العذراء توجد مجموعة متنوعة من أدوات الجلد، ولعل أشهرها بالنسبة لنا، الكرباج الذي رأيناه مجسدا في فيلم "آلام المسيح"، ولعلنا نتذكر مشهد الجلادين ينزلون بالسوط على ظهر الفنان "جيمس كافيزل"، ثم ينزعونه عنه انتزاعًا، فقد كانوا قديما يستخدمون مخالب الأسود في نهايات أسواط الجلد ليمزع الجسد، وبجانب تلك المجموعة من السياط وضع رمز لقتل المسلمين عبارة عن صورة الشخص الذي حرق القرآن بعد سقوط الأندلس.

"الجلاد يدرس كل جزء في جسد الرجل والمرأة.. ليبدع في كيفية تعذيبه"... قالها وهو يشير إلى لوحة توضح طريقة ومراحل تعذيب المرأة في معتقلات محاكم التفتيش، قائلا إن القساوسة كانوا يغتصبونها أولا، قبل أن توضع على "الحمار الإسباني"، وهو عبارة عن كتلة خشبية حادة الزاوية، كانوا يجلسون المرأة عليها، ويربطون بقدميها أثقالا حديدية، لتجذبها لأسفل فينشطر جسدها من أسفلها حتى القفص الصدري، والأخريات إما يقومون بقطع أثدائهن بمقصات غليظة ليموتن بالصدمة العصبية، وإما أن يرقدوهن على سرير مائل، ويصبوا في أفواههن الزيت المغلي أو الرصاص المصهور أو الجير الحي، وهو موت مقرون بالتعذيب القاتل.

 

بجوار لوحة التعذيب يتواجد مجموعة من كراسي محاكم التفتيش، أحدها مليء بالمسامير، وكانوا يشعلون النار حتى تلتهب تلك المسامير، ثم يأتون بالمرأة مجردة من ملابسها، ويجلسونها عليها، فتنغرز المسامير في جسدها ويتركونها حتي تجف، ثم ينتزعونها من على الكرسي، والآخر يوجد في ظهره ثلاثة سيوف، وفي المقعد سكين دوار ينشر الجالس عليه، وبجانبهم صورة توضح المشهد بأكمله.

"هذه الآلة شبعت الكلاب من أمعاء البشر"... قالها وهو يشير إلى آلة في منتصفها مجموعة من السكاكين الدوارة، تقابل منطقة البطن لتمزق الأمعاء، فقد كانت تتطاير يميناً ويساراً، وكانت الكلاب تتغذى على هذه الأمعاء.

 

رائحة الدم والشواء والعفن تتصاعد لتزكم الأنوف، وصوت الصراخ تصم الأذان، هذا ما شعرت به، في هذا الجو الكئيب، فالرؤوس المقطوعة والأطراف الممزقة التي تملأ غرف المتحف، رغم كونها مجرد مجسمات، إلا أنه بمجرد رؤيتها، تشعر وكأنها تستغيث وتصرخ طالبة الرحمة.

 

"تخيل أن تكون واقفا ويتساقط عليك ديدان الموتي"... فتلك الأقفاص الحديدية، المعلقة في السقف، كانوا يحبسون فيها الأشخاص حتى الموت، ووقتها يتركونهم ليتحللوا فيها، وتتساقط منها الديدان على رؤوس الموجودين معهم في الزنزانة.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية