منى علوبة وآلاء فهمي

في محراب مجدي يعقوب

"صغيرتان وجميلتان.. لم تكملا بعد العام الثاني والعشرين، تخرجتا من جامعة القاهرة، بعد أن تخصصتا في أدق علوم الطب، قد يظن البعض أنهما كأي فتاة مثلهما، سيبحثان عن وظيفة قريبة من قاهرة المعز، ولكنهما كعادتهما دائماً، ضحتا بأضواء العاصمة، وقررا أن يشدا الرحال إلى غياهب الجنوب.

 

"منى علوبة وآلاء عفيفي".. بنتان من مصر، ليستا ككل بنات جيلهما، قبل سنين حصلتا على الثانوية العامة، وبمجموع كبير، دخلتا كلية الطب، دفعهما شغف البحث عن حقيقة الأمراض للتخصص في علوم الخلايا والجينات، لم يكتفيا بذلك، فبمجرد تخرجهما، وبعد أن حصلتا على أعلي التقديرات، قررتا الالتحاق بمدرسة أكثر تعقيدا، مع أحد أهم جراحي القلوب في التاريخ، السير مجدي يعقوب.

 

داخل معملها الممتلئ بأحدث الأجهزة العلمية، وقفت الباحثة الصغيرة، مني علوبة، أخصائية علوم الجينات في مختبر بيولوجيا الخلية والمرشحة للدكتوراة، أمام الميكروسكوب الدقيق الخاص بها، تتفحص الجيل الثاني من التسلسل الجيني وتحليل المؤشرات الحيوية، سعيدة بتلك اللحظة التي اختارها ساحر القلوب السير مجدي يعقوب، لتُصبح أصغر باحثي علوم المستقبل في محراب القديس.

 

"أبحاثك يمكنها أن تخدم العلاجات الحديثة لمرضي القلب في مصر".. لم تتمالك نفسها من السعادة حينما ألقي القديس يعقوب، كما يحبون أن يطلقون علية، فهو يدرك جيدا حجم ما تقوم به من أبحاث في خدمة جراحاته، يدرك أهمية جمع المعلومات الجينية لكل مريض، فرغم أنه ليس كل أمراض القلب وراثية الطابع، حتي وإن كان صعيد مصر يحتل مكانته عالمياً كأكبر المناطق المُصابة بأمراض القلب نتيجة للاصابة بالحمي الروماتيزمية، مشيرة إلى أن تخصص علوم الجينوم يمكنه أن يفحص DNA لكل مريض، وعمل ما يسمي بحافظة للصفات الوراثية للعائلة، لمعرفة تطور المرض وتنقلة الوراثي، خاصة وأن مصر بشكل عام تتفشي فيها ظاهرة زواج الاقارب.

 

علي يمينها انغمست صديقتها وزميلاتها في نفس الغرفة، آلاء عفيفي، والمتخصصة في علوم الجينات وتحليل المعلومات البيانات المؤشرات الحيوية وتأكيد صحة البيانات، في فحص إحدي العينات، بين الحين والأخر تدون ملاحظاتها، ودون أن ترفع وجهها قالت بصوت مليء بشغف الأرض وما عليها، "أبحاثي لها علاقة بجينات مرضي القلب للشعب المصري.. وعليك أن تعلم أولا أن جينات الشعب المصري تختلف عن أي جينات لشعب أخر".

أكثر ما تحلم به تلك الفتاة الصغيرة أن تحقق حُلم حياتها، أن تري نفسها تسابق الزمن لمنافسة الأبحاث العالمية، وأن كانت تري أن الباحثين المصريين يصلون إلى نفس القدرة العلمية للباحثين الغربيين، وفي بعض الأحيان يتفوقون عليهم، وأوضحت أن ما تقوم به من أبحاث تسعي للحصول على خلية DNA من المرضي والوصول بها إلى أن تصبح خلية قلب متكاملة لدراستها وقراءة بيانتها والتسلسل المرضي لها، وأنها تقوم بتلك الأبحاث داخل مصر وخارجها بالتعاون مع جامعة "امبيريال كوليدج" بلندن، كواحدة من أهم الجامعات التي تمتلك فرق متخصصة لابحاث مرضي القلب.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية