50 مليونًا تستوطن جزر المحيط الهندي

شعب الكنغر.. ملاكموا الغابات الأسترالية ذو الخمسة أقدام

رأس صغير، وشفاه بارزة، وآذان كبيرة الحجم، يحملها جسد ضخم، ذو جراب داخله طفل، غالبًا ما تشاهده في البرية يقفز كالضفادع، وأحيانًا يقف كالإنسان وسط الطرقات، كثيرًا ما يتعرض لحالة تشبه العمى المكتسب جينيًا، تزداد مع إنارة المصابيح الأمامية للسيارات، ما يؤدي إلي الحوادث التي قد تعرضه أو ركاب تلك السيارات للخطر.

 

يُعد الكنغر أحد الحيوانات الثديية الجرابية أو الكيسية التي تنتمي لفصيلة الكنغريات، أو "Macropodidae"، وهو ما يُطلق علية علميًا "Thylogale"، وتتبع رتبة ثنائيات الأسنان الأمامية، والتي تضم ما يقرب من 90 نوعًا وفصيلة مختلفة الألوان والأحجام، وتنتشر في جزيرة إستراليا وغينيا الجديدة وجزر كوينزلاند والجزر المحيطة بها بالمحيط الهندي، ويقدر عدد الكناغر بحوالي 50 مليونًا، بينهم 43.5 مليون في جزيرة أستراليا طبقًا لإحصاءات الحكومة الإسترالية نفسها، لذا يعتبرهم البعض السكان الأصليين لتلك الجزيرة الدولة.

الغوغاء أو القوات وأحيانًا القطعان، هكذا عُرف عن الكناغر، فهي تعيش في مجموعات وقطعان، يهيمن عليها الذكر الأكثر قوة وسيطرة عليهم، وعادة ما يختارون المناطق القاحلة وشبه القاحلة للحياة فيها، لما يمتلكونه من قدرة علي إحتمال العطش كالجمال، وذلك للخمول النسبي الذي يعيشونه خلال فترات النهار، فيقوم بإستخلاص الماء القليل من النباتات، كما أنها قادرة علي إجترار الطعام كالأبقار، خاصة وأنها تمتلك معدة مقسمة إلي حجرات، متعددة، ما يمكنها من استعادة الطعام الذي ابتعلته، ثم تُعيد مضغه، لتبتلعه من جديد ليبدأ الهضم النهائي للطعام.

رغم أن الأنواع الفصائل التسعين لعائلة الكناغر تتراوح  في أحجامها، إلا أن الكنغر يُعد أكبر العائلة حجمًا، إذ يتراوح طول الرأس والجسم ما بين 45 و105 سنتيمتر، وطول الذيل ما بين 33 و75 سنتيمتر، ويتخطي طول الذكر الكبير المترين طولًا، أما عن وزنه فيتخطي حاجز المائة جرام، وإن كان وزن البعض قد يقل إلي 25 كيلو جرام فقط، ويتراوح عمره ما بين 7 سنوات، و23 عام، وذلك بإختلاف الفصائل والأنواع.

 

تتميز الكناغر بالأقدام الخلفية الكبيرة القوية، تدعمه أوتار مرِنة  تجعله قادر من القفز لمسافات تصل إلي سبعة أمتار، دون بذل الكثير من المجهود، يساعده في ذلك ذيل عضلي طويل يحافظ علي توازنه، وفي بعض الأحيان تُصبح ساقًا خامسة يرتكز عليها، أما قدميه الأماميتان فتتميز بالقصر، وذو خمسة أصابع، عكس الخلفية ذات الأربعة أصابع، وتتميز بمخالبها الحادة

أما أنثي الكنغر فتتميز بذلك الجراب أو الكيس الجلدي بمنطقة البطن، وهي عبارة عن حافظة يعيش داخلها وليدها حتي يكتمل نموه، وذلك باستثناء اليوم الذي يولد فيه، وقبل يولد تمتلك القدرة علي تجميده داخل رحمها قبل أن يستكمل نموه، في عملية تُسمي طور السكون أو البيات، وذلك في فترات الجفاف وعدم وجود مصادر للغذاء، حتى تضمن لصغارها عيشة في مناخ أفضل، والأكثر من ذلك أن الذكور لديهم القدرة هم أيضًا علي إيقاف عملية إنتاج الحيوانات المنوية لنفس الظروف.

 

بعد التزاوج يتطور صغير الكنغر داخل جسم الأم لفترة تتراوح ما بين 30 أو 40 يومًا، خاصة وأن البويضة المخصة تظل نائمة لبعض الوقت في رحم الأنثى قبل أن تبدأ بالنمو، فيما يسمى بـ"الانغراس المتأخر"، وتتراوح فترة الحمل في العادة ما بين 21 إلي 38 يوماً، وقل الولادة بيومين تستلقي الأم على ظهرها، وبتقوم بتنظيف البطن والجراب من الداخل بلسانها، استعدادًا لإستقبال صغيرها، والذي يولد صغيرًا جدًا، حيث لا يتعدي طوله 2 سنتيمتر، ووزن 8 جرامات فقط، ثم ينتقل بمفرده متحركًا داخل نفق الولادة باستخدام قدميه الأماميتان حتي يصل إلي جراب الأم، ثم يتعلق بحلمه الحليب، وبذلك يعيش الصغير داخل الجراب لفترة تتراوح بين 190 إلي 450 يومًا.

طيلة حياة صغير الكنغر داخل جراب الأم يمكنه الخروج بعد اليوم 190 بعد أن ينمو له فرو صغير، وبمجرد أن ينمو قليلًا يبدأ بمغادرة الجراب لمرات أطول، ولكنه غالبًا ما يعود سريعًا إذا شعر بالخطر، فيهرول قافزًا داخل جراب أمه طلبًا للحماية، وفي أحيان كثيرة تضطر الأم لإرضاع صغيرين بأعمار مختلفة في نفس الوقت، وذلك لقدرتها علي إنتاج نوعين من الحليب علي حسب عمر الصغير، وللأسف الشديد ذلك الصغير قد يتعرض للإفتراس من قبل بعض الزواحف الآكلة للحوم، كسحالي الغوانا الضخمة، والكلاب البرية، والثعالب، والقطط الوحشية.

"ملاكموا الغابات".. لم يكن وصفًا هزليًا اختصت به الكناغر، ولكنها حقيقية تميزت به، فكثيرًا ما تتصارع الذكور عن طريق اللكم بالأقدام الأمامية، وفي بعض الأحيان تستخدم الأقدام الخلفية أيضًا، والتي تتميز بمخالب حادة قادرة علي انتزاع أحشاء الخصم، وغالبًا ما تفعل ذلك للهيمنة والسيطرة علي القطيع، وقد استحسن سكان إستراليا تلك المعارك الطريفة فقاموا بتدريبه وعرض مبارياته في عالم الملاكمة في السيرك، أما في حالة الخطر فيقوم بضرب الأرض بقدميه بقوة، ثم يطلق أصوات مختلفة مثل الشّخير، والسّعال، والهسهسة، كما أن الأنثي تصدر أصوات قوقأةٍ وطقطقةٍ لاستدعاء صغارها لحمايتها من الخطر.

 

أما عن أنواع الكناغر، فتضم فصيلة الكنغريات حوالي 90 نوعًا، أغلبها صغير الحجم، واشهرها بالطبع كنغر الولر، وكنغر الوالب، والكنغر الفأر، والذي لا يتعدي طول الرأس والجسم وحتي ذيلة الثلاثون سنتيمتر، أما الكناغر الضخمة، فيتواجد منها أربعة فصائل فقط، وذلك طبقًا لجمعية علم الحيوان في لندن في عام 1841، أهمهم علي الإطلاق الكنغر الأحمر، والذي ويستوطن المناطق القاحلة وشبه القاحلة من قارة إستراليا، ويعد أضخم الثدييات الجرابية علي الإطلاق، إذ يصل طول الذكور منها إلى مترين، ويتخطي وزنه حاجز المائة كيلو جرام، علي عكس الكنغر الشرقي الرمادي، والذي يعيش في الجزء الشرقي الخصب، وهو في المرتبة الثانية من حيث الحجم هو ثاني أكبر حيوان جرابي بعد الكنغر الأحمر، إذ يبلغ وزن الذكر 66 كيلو جرام، والأنثي 44 كيلو جرام، في حين يصل طوله إلي حوالي 1.5 مترًا، ويعدو بسرعة 55 كيلو متر في الساعة.

أما الكنغر الغربي الرمادي فيعيش في الجزء الجنوبي من أستراليا الغربية، وجنوب أستراليا بالقرب من السّاحل، وحوض نهر "دارلينج"، ويبلغ وزن الذكور الكبيرة من هذا النّوع 54 كيلو جرام، ويصل طوله إلي حوالي المتر تقريبًا، وهو ضعف طول وحجم إناثه تقريبًا، ويتميز بالرائحة الكريهة، في حين لا يستوطن شمال إستراليا سوي الكنغر الأرو، أو الكنغر الوعل، ويكثر تحديدًا في شبه جزيرة كيب يورك في كوينزلاند، ويصل طول الذكر فيه 1.2 مترًا، ووزن حوالي 49 كيلو جرام، في حين لا تتعدي الأنثي 850 سنتيمتر ووزن يصل إلي 20 كيلو جرام.

تصوير: المصورة الإسترالية Stacey Anderson

           والمصور الأمريكي Michael Fraley

           والمصور الفرنسي Daniel Goeleven

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية