مارست المهنة منذ 4700 عام

"ميريت بتاح".. رئيسة الأطباء التي خلدها التاريخ

لعبت المرأة منذ بداية التاريخ أدوارًا رائدة في مختلف مجالات العلوم والانسانيات، وعلى الرغم من التحديات والمعوقات التي فرضها عليها كل من الفكر الذكوري المهيمن، والقمع المتعمد في مختلف السياقات الثقافية، فقد شقت بعض الأسماء اللامعة طريقها إلى الخلود بما خلفته من إسهامات عظيمة للبشرية، والطبيبات لسن بمستثنيات من ذلك، ففي الوقت الذي حُرم على المرأة ممارسة الطب خلاله، قامت بعض السيدات بالتنكر في أزياء الرجال لتلبية شغفهن.

 

في مصر دائمًا الأمر مختلف، فلا عجب أن الحضارة المصرية القديمة، بوصفها حضارة أتاحت للمرأة تحقيق طموحاتها التي تتعدى الأمور المنزلية، واحدة من أعظم الحضارات الإنسانية، فقد كانت جميع المهن في مصر القديمة متاحة للمتعلمين من الذكور والإناث، وأول أمرأة معروفة في تاريخ العلم، وليس الطب فحسب، الطبيبة المصرية ميريت بتاح، والتي عاشت منذ أكثر من 4700 عام، أي في أواخر عهد ملوك الاسرة الثالثة.

 

وللأسف لا يوجد الكثير يمكن أن ندونه عن "ميريت بتاح"، أو حبيبة الإله بتاح، وعن إنجازاتها في مجال الطب، غير أن إبنها، والذي كان يشغل منصب كبير الكهنة، خلد ذكراها عن طريق تصويرها في مقبرتها وتلقيبها بـ"رئيسة الأطباء"، في مقابر العاصمة المصرية القديمة ممفيس التي تقع ثلاثين كيلومترا جنوب القاهرة، وهو لقب يتشابه إلي حد كبير مع منصب وزير الصحة في عصرنا الحالي.

 

ورغم أن أكثر من 90% من المصريين لا يعلمون أي شيء عن جدتهم "ميريت بتاح"، جاء التكريم كالعادة من الغرب، فقد أطلق الإتحاد الفلكي الدولي إسم "ميريت بتاح" علي أحد الفوهات الصدمية علي كوكب الزهرة، لانها كانت تعمل في مجال العلوم، ولكونها أول طبيبه في التاريخ يُذكر أسمها في السجلات علي أنها طبيبه.

 

من الطبيبات الأخريات البارزات في زمنها "بيسيشيت"، والتي عاشت في أثناء حكم الأسرة الرابعة، والتي إمتدت من عام 2613 حتي عام 2494 قبل الميلاد، فوفقا للكتابات المنقوشة على عامود حجري وجد في مقابر الأسرة القديمة، كانت تلقب بـ"مراقبة الطبيبات"، ولا يشير هذا اللقب إلى وجود كيان من الطبيبات في مصر القديمة فحسب، ولكن أيضا إلى أن سيدة كانت تشرف عليهن.

 

وهناك طبيبة أخرى تركت بصمتها في علم أمراض النساء في فترة تالية، تحديدا في القرن الثاني الميلادي، وهي كليوباترا، مع التنويه بعدم خلطها بالملكة البطلمية الشهيرة، فقد كتبت باستفاضة عن الحمل، والولادة وصحة المرأة، وقد ظلت أعمالها محل تركيز الدارسين لأكثر من ألفي سنة.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية