رجل الأرقام القياسية في ليفربول

"المو صلاح".. أيقونة مصرية عربية في بلاد الضباب

"الفرعون الصغير..ملك مصر.. إمام الساجدين.. فخر العرب.. وزير السعادة.. العقرب".. ألقاب إلتصقت بإسمة، لاحقته دائمًا أينما ذهب، عاش كرحال بين الأمم، من قرية صغيرة بمحافظة الغربية، إلي مدينة بازل السويسرية، ثم إلي فولهام البريطانية، وصولًا إلي روما الإيطالبة، ليستقر أخيرًا في مدينة ليفربول البريطانية.

 

لم يكن المصري محمد صلاح، أو كما يفضل الإنجليز أن يناديه دائمًا الـ"مو صلاح"، مجرد لاعب لكرة القدم، تمكن أخيرًا أن يعود بمصر إلي مونديال كأس العالم، وبعد غياب حوالي 28 عامًا، فقد أصبح حالة مصرية وعربية، بل عالمية، فرغم صغر سنه، ورغم سنوات إحترافة القليلة، والتي تنقل خلالها طيلة 6 سنوات فقط بين أربعة دوريات لا يُستهان بها، تمكن من صناعة الإنجاز تلو الأخر، حتي أضحي كبير أفريقيا، وأسطورة القارة الأوروبية.

استطاع "مو صلاح" أن يصنع الفارق طيلة المباريات التي لعبها، وحتي المباريات التي لم يلعبها فقد وجد نفسه في ميادين التباري رغمًا عنه، مرة بسلوكه المتفرد، وأخري بإطلالة هيئته التي يفضل أن يظهر بها، فقد فرضت اخلاقه وإلتزامه وتواضعه حالة من الإحترام في شارع الكرة البريطانية، بل والأوروبية كلها.

 

ولد محمد عام 1992 في قرية نجريج التابعة لمدينة بسيون في محافظة الغربية، لظروف قاسية لم يلتحق بالجامعة، واكتفي بأحد المعاهد المتوسطة بمحافظة الجيزة، وفي الثالث من مايو من عام 2010 بدأت مسيرته الكروية مع نادي المقاولين العرب في الدوري المصري، بلعب أول مباراة وهو لم يُكمل الثامنة عشرة بعد، وفي هذا الموسم تمكن من تسجيل أول أهدافة في مرمي النادي الأهلي في الخامس والعشرين من ديسمبر من نفس العام.

 

في ختام موسم عامي 2011- 2012 أبدي نادي الزمالك، أحد قطبي الكرة المصرية، إهتمامًا بإنضمامه كلاعب أساسي، ولكنه فضل تجربة الإحتراف الأوروبي بالإنتقال إلي نادي بازل السويسري، وفي عام 2013 حصل على لقب أفضل لاعب في الدوري السويسري، كما حصل على جائزة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم لأفضل لاعب صاعد في القارة الأفريقية عن عام 2012.

في 26 يناير 2014، انتقل محمد صلاح الي صفوف نادي تشيلسي البريطاني، في صفقة قدرتها الصحافة الإنجليزية بحوالي 11 مليون جنية استرليني، ولكنه لم يجد فرصة للمشاركة كلاعب أساسي، حيث شارك في بعض المباريات كبديل، ولدقائق قليلة جداً، وهو ما أدي إلي قبول إعارته لستة أشهر إلي نادي فيرونتينا الايطالي في يوم الأول من فبراير عام 2015، وقدم أداء لافت للنظر في الدوري الإيطالي.

 

وفي السادس من أغسطس من العام 2015، انتقل صلاح للمرة الثانية علي سبيل الإعارة إلي نادي روما الإيطالي، لمدة عام واحد، مع أحقية روما شرائه في المستقبل بخمسة ملايين يورو، ما أدي لتقديم فيورنتينا شكوى إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم ضد نادي تشيلسي ومحمد صلاح، بدعوي انتهك عقده عندما سُمح لصلاح بالانضمام إلى روما، وصدر الحكم بعد انضمام صلاح إلى ليفربول، وجاء في مصلحة صلاح وتشيلسي وفي النهاية حصل صلاح على جائزة لاعب الموسم في روما، فقد تمكن من تسجيل 14 هدف في الدوري الإيطالي، بالإضافة إلي هدف في دوري أبطال أوروبا، ليصبح هداف الفريق.

 

وفي 3 أغسطس 2016 قام روما بشراء محمد صلاح من تشيلسي بشكل نهائي مقابل 15 مليون يورو، وكان موسم 2016–2017 أفضل مواسمه، حيث استطاع إحراز 19 هدفا، منهم 15 في الدوري، وهدفان في كأس إيطاليا، ومثلهما في الدوري الأوروبي، وبذلك يحتل المركز الثاني في قائمة هدافي نادي روما، ليتم اختياره للمرة الثانية كأفضل لاعب في روما في الدوري الإيطالي موسم 2016–2017.

نتيجة للتألق اللافت في روما، أعلن نادي ليفربول الإنجليزي في 22 يونيو 2017، عن تعاقده مع محمد صلاح بصفقة تاريخية على جميع المستويات حيث بلغت قيمة الصفقة 42 مليون يورو، بالإضافة إلى 8 ملايين يورو تدخل ضمن بند المكافآت، تلك الصفقة جعلت من محمد صلاح أغلى لاعب في تاريخ نادي ليفربول، متفوقاً على الرقم القياسي للاعب أندي كارول، والذي انضم في 2011 بصفقة بلغت 35 مليون جنيه إسترليني، كما انها جعلته أغلى لاعب أفريقي، بعد أن حطم رقم السنغالي ساديو ماني، والذي انتقل في 2016 مقابل 34 مليون جنيه إسترليني، واغلي لاعب عربي، متفوقاً على الجزائري إسلام سليماني والذي سعره حوالي 30 مليون جنيه استرليني.

 

لم يقصر "المو صلاح" في حق المنتخب المصري، فقد كان احد أهم عوامل صعود مصر إلي المبارة النهائية في بطولة الأمم الأفريقية في الجابون 2017، في مفاجأة غير متوقعة، خاصة وأن منتخب مصر نتيجة للظروف الداخلية لم يتأهل لثلاثة دورات كاملة، كما ساهم صلاح في صعود مصر لمونديال كأس العالم في روسيا 2018 بعد غياب 28 عام، وذلك باحرازه لهدفين في مرمي الكونغو.

 

واليوم صلاح يحقق الانجاز تلو الأخر، يحطم الارقام القياسية، ينفرد بصدارة هدافي الدوري الإنجليزي، وفي مباراته الأخيرة مع فريق واتفورد سجل اول سوبر هاترك في الدوري الانجليزي منذ 5 سنوات، ما جعله أيقونة الفخر للعرب والمصريين في بلاد الضباب، فأصبح صلاح أول لاعب مصري يتغنى بإسمه في بريطانيا، فقد أطلقت جماهير ليفربول أغنية له تقول كلماتها "مو صلاح مو صلاح مو صلاح، يركض على الجناح، صلاااااااح الملك المصري، مو صلاح مو صلاح مو صلاح، يركض على الجناح صلاااااااح الملك المصري"، كما أطلقوا أغنية أخري تقول، "إذا كان جيدا بما فيه الكفاية لي، إذ سجل المزيد من الأهداف، سأصبح مسلما مثله".

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية