8 فصائل مُهددة بالإنقراض

"الأسد الأفريقي".. ملك الغابة الذي يعتمد علي زوجته في الصيد

"أسامة، الحارث، حيدرة، السبع، المتآنس، النآج، الدواس، الصعب".. عرفناه نحن العرب بتلك الأسماء، فقد قال يومًا عالم اللغة اليمني أبو عبدالله الحسين بن أحمر بن خالوية، والمُلقب بـ"ذي النونين"، أن للأسد خمسائة إسم وصفة، أضاف عليهم عالم اللغة المصري،  علي بن قاسم بن جعفر اللغوي، مائة وثلاثين اسمًا، جميعها تدل علي شرف وعفة صاحب المسمي،

 

ملك الغابة، ذلك الحيوان الذي يأكل ولا يؤكل، اعتبر علماء "الإيثولوجيا"، أو علوم سلوك الحيوان، أن الأسد أشرف الحيوانات المتوحشة، إذ أن منزلته في عالم البرية منزلة الملك المهاب، وذلك لقوته وشجاعته وقساوته وشهامته وجهامته وشراسة خلقه، ما جعله مضرب للأمثال في القوة والنجدة والبسالة وشدة الإقدام والجراءة والصولة.

"الأسد الأفريقي".. حيوان ثدي من فصيلة السنوريات شعبة الحبليات، وثاني أكبر السنوريات الأربعة للأسرة النمرية بعد حيوان "الببر" من حيث الوزن والطول، حيث يتراوح وزن الذكور الكبيرة بين 150 و250 كيلوجرام، وبين 120 إلي 182 كيلوجرام للإناث، وفي العادة أسود الحدائق الأسيرة أثقل وزناً من أسود البرية، ففي عام 1970 ميلادي بحديقة حيوان "كولشيستر" بإنجلترا وصل وزن أحد الأسود إلي 375 كيلوجرام.

 

يصل طول الأسد من الرأس للجسد بين 170 و250 سنتيمتر للذكور، أما الإناث فيصل طولها بين 140 و175 سنتيمتر، ويصل ارتفاع كتف الذكور حوالي 123 سنتيمتر، والإنثي نحو 107 سنتيمتر، أما الذيل فما بين 90 و105 سنتيمتر للذكور، وما بين 70 و100 سنتيمتر للإناث، يمتلك فك وقوائم قوية، حيث يصل طول أنيابها نحو 8.1 سنتيمتر، مما يساعده علي افتراس طرائد أكبر حجماً.

تتراوح ألوان اللأسود من الأصفر اللامع الي الضارب للصفار المحمر، أو البني المغري القاتم، وعادة ما يكون القسم السفلي من الجسد أبهت من العلوي، أما الذيل فيميل إلي اللون الأسود، وان كان البعض يتميز بنهاية تخفي زائدة عظمية قاسية يصل طولها إلي حوالي 55 ملليمتر، أما الأشبال فتولد برقط بنية وردية علي كامل جسده، تشبه رقط "النمر" تماماً، وبعد البلوغ تختفي، ويبقي البعض القليل بشكل باهت، ويمكن ملاحظتها بشكل أكبر لدي اللبؤات.

 

كانت الأسود أكثر ثديات اليابسة الكبرى انتشارًا من حيث العدد بعد الإنسان مباشرة، وكانت تقطن مساحة كبيرة من أفريقيا وآسيا وبعض دول أوروبا منذ العصر "الهلوسين"، حوالي 10 آلاف سنة، وحتى بضعة قرون مضت، أما اليوم فيعيش المتبقي منهم في جنوب الصحراء الكبرى لأفريقيا، وقليل يعيش بآسيا في ولاية "غوجرات" شمال غرب الهند.

ويعتبر الأسد الأفريقي أحد الأنواع المهددة بخطر الإنقراض الأدني، حيث أرتفع حدة تراجع أعدادهم من 30% إلي 50% خلال العقدين الماضيين، ما دفع العديد بلدان العالم إلي إنشاء "حدائق الحيوان"، في محاولة للحفاظ عليها، ولدراسة كل الوسائل الممكنة لإكثارها.

 

عادة ما تسكن الأسود بأراضي السهل العشبي "السفانا"، وقليل ما تتواجد بالأراضي القمئية والغابات، وتختلف أعمارها علي حسب جنسها وحسب طبيعة الأماكن التي تعيش فيها، فاللبؤات التي تعيش في المحميات الآمنة أو المنتزهات، قد تصل أعمارها ما بين 12 و14 سنة، في حين أن الذكور لا تتخطي الـ 8 سنوات إلا في حالات نادرة، أما بالنسبة للبؤات التي تعيش في البرية، فقد وجد وثائق تظهر أن بعضهم يصل إلي 20 عاماً.

يمكن التمييز بين صغار الذكور والإناث بسهولة فائقة عن طريق العين، حيث أن الذكر يحتوي علي لبدة أو شعر حول العنق، أما الأنثي فليس لها لبدة، أما في مرحلة النضج فيمكن تمييزهم بسهولة، حيث يمتليء رأس الذكر بشعر طويل وكثيف ومنكوش، كما أنه أضخم من حيث الحجم، وصوته قوي وحاد، أما عن الأنثى فما يميزها عن باقي السنوريات الكبيرة هو وجود خصلة كثيفة من الشعر في آخر أطراف ذيلها، وتعتبر فصائل السنوريات إجتماعية، حيث عادة ما تعيش ضمن مجموعات أسرية تعرف بإسم "زمرة"، تتكون من أقارب الإناث، وعدد من صغار الأبناء، وبضعة من الذكور البالغين.

 

رغم أن الأسد حيواناً مفترساً رئيسياً، فلا يمكن أن يفترسه أي حيوان آخر، إلا أن الإنسان لا يُعد كائن علي قائمة طعامه، ولا تعتبره علي الإطلاق طريدة، بل انه قد يتجاهله إذا ما صادفه، بل أن الإنسان هو الذي يقوم بمطاردة الأسد، ويهدد حياته، وإن كان البعض منه يمكن أن يفترس الإنسان، وهنا يعتبره البشر حيواناً مريضاً يشبه آكلي لحوم البشر، أي "مسعور"، فلا يتركوه إلا وقتلوه.

عادة ما تتعاون إناث أسرة الأسود في الصيد بأسلوب دقيق ومعقد للإمساك بفريستهم، خاصة وأنهم يقصدون الحافريات الكبيرة بشكل دائم، كالخيول والحمير والأبقار والجاموس البري، وكل منهن تختار أسلوب معين في الصيد بشكل دائم، بل وتحاول تطوير وتقوية نفسها في هذا الأسلوب، حتي تلعب بها دور محدد في الصيد.

 

يعتمد الأسد علي اللبؤات المنظمة في الصيد، كونها أسرع وأدق وأمهر منه، وهذا يعود لوزن قلب اللبؤة الذي يصل نحو 0.57 % من إجمالي وزن جسدها، عكس الذكر الذي يصل وزن قلبه نحو 0.45% من جسده الأكبر من الإناث، ما يجعلها أسرع منه، ورغم أن سرعتها تصل الي 59 كيلومتر في الساعة، إلا أنها ليست مؤهلة للحفاظ علي هذه السرعة لفترة طويلة، كالضبع الذي يصل وزن قلبة الي 1% من إجمالي وزن جسده، لذلك يجب علي اللبؤة أن تكون قريبة بشكل كافي من طرائدها نحو 30 متر تقريباً وأن تكون محاطة بها قبل لحظة الهجوم.

ليس هناك موسماً محدداً للتزاوج، وعادة ما تبدأ حياة التزاوج قبل بلوغ عمر 4 سنوات، وخلال فترة التزاوج التي تتطلب بضعة أيام، يجتمع الزوجين بين 20 و 50 مرة في اليوم، لتحمل الأنثي صغارها نحو 110 يوماً متواصلاً، ثم تختار مخبأ مناسب كالكهوف ووسط الأشجار الكثيفة ليكون مكاناً آمناً لوضع أشبالها، ويصل عددهم ما بين 1 وحتي 4 أشبال، ويتراوح وزنهم بين 1.2 و 2.1 كيلوجرام.

 

يبدأ الشبل حياته مغلق العينين لمدة أسبوعًا كاملاً، وبعد يوم أو يومين من الولادة يبدأ بالزحف، ويستطيع المشي بعد مرور ثلاثة أسابيع، وخلال تلك الفترة تنقل الأم أشبالها عده مرات من مخبأ لآخر كنوع من الأمان، ولا تختلط الأم بباقي اللبؤات لمده 6 الي 8 أسابيع متواصلة من بعد الولادة، وخلال سنتين من العمر يموت حوالي 80% من أشبال القطيع، وكثير ما يسعي الذكر لقتل الأشبال الغير ناضجة نظراً لرفض الأمهات من التزاوج إلا بعد نضج أشبالها.

 

دخلت الأسود ضمن أكثر الرموز الحيوانية التي اتخذتها الحضارات الإنسانية للتعبير عن كثير من الحالات، فقد ظهر في عدد من المؤلفات الأدبية والأفلام المعاصرة، والمنحوتات القديمة والحديثة، والرسومات، بل وقد أتخذته عدد من الدول حول العالم ليكون رمزاً لأعلامهم، وإن كانوا يقصدون اللبؤة في رسوماتهم وأفلامهم، إلا أنهم دائماً يظهرون شكل الذكر لتميزه عن باقي السنوريات، فأن اللبؤة تعتبر "الأم المحاربة" التي تجمع بين بسالتها العالية في الصيد والإطاحة بأعدائها التي تفوقها حجماً، والحنان الغير عادي علي أشبالها.

الحضارة المصرية القديمة اتخذت من الأسد رمزا للتعبير عن أكثر آلهتها الحربية شراسة، كالآلهة "سخمت" والإله "تفنوت"، كما توجد بعض الآلهة المصرية القديمة الغير مفهومة، كإله بجسد إمرأة ورأس لبؤة ذات أوضاع معينه، أما في الحضارة النوبية القديمة كان الإله "أباداماك"، وفي كلا الحضارتين كانوا يلقبون محاربيهم الماهرين من الرجال بـ "إبن اللبؤة" دلالة علي قوتهم المكتسبة من أمهات الأسود الماهرة.

 

قديماً كان يصنف سلالات الأسود لـ12 سلالة، وكان الاختلاف بينهم يعود للموطن وشكل اللبدة والحجم وكثافة إنتشارة، أما اليوم فأتفق العلماء علي أن ثمانية سلالات فقط لا غير لتصنيف أنواع الأسود، وأولي تلك السلالات هي السلالة "البربرية"، فهي أكبرهم حجماً، حيث يصل طوله بين 3 و 3.5 متراً، ووزنه الي أكثر من 200 كيلوجرام، وكان يعيش في شمال أفريقيا من مصر وحتي المغرب العربي، وهو اليوم يعتبر سلالة منقرضة، وكان آخر ظهور له عام 1922 ميلادي في المغرب.

 

السلالة الثانية هو "الأسد الآسيوي"، حيث كان منتشراً كثيراً بتركيا، وبلاد الشام، وبلاد ما بين النهرين، وشبه الجزيرة العربية، وصولاً لباكستان والهند وبنغلاديش، واليوم لم يعيش منهم سوي 300 أسد في "غابة غير" بدولة الهند.

السلالة السنغالي أطلق عليه هذا الإسم كونه يعيش في غرب أفريقيا بالسنغال، وسلالة شمال شرق الكونغو، والسلالة النوبية التي تعيش بالحبشة وكينيا وصولاً الي تنزانيا وموزامبيق، وسلالة كاتنجا التي تعيش بناميبيا وبوتسوانا وأنجولا والكونغو وزامبيا وزيمبابواى، وسلالة كروجر التي توجد بمنطقة الترانسفال في جنوب شرق إفريقيا وفي منتزه كروجر الوطني، وأخيراً سلالة رأس الرجاء الصالح التي انقرضت قرابة عام 1860 ميلادي.

 

أما عن السلالات البائدة التي عاشت في عصور ما قبل التاريخ، فمنها السلالة "الأمريكية" التي كانت تعيش بالأمريكتين من ولاية ألاسكا وصولاً الي دولة البيرو، وذلك منذ حوالي 10 آلاف سنة مضت، والسلالة "الأحفورية" التي أزدهرت منذ حوالي 500 ألف سنة وعثر علي مستحثاتها في ألمانيا وإيطاليا، أما سلالة "الكهوف" فقد أزدهرت منذ 300 ألف سنة وحتي 10 ألف سنة في منطقتي أوروبا وآسيا، وأخيراً سلالة "شرق سيبيريا" التي كانت تعيش في ياقوتيا بروسيا وكندا.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية