برج مراقبة الواحات البحرية

جبل الإنجليز.. أرض الحفريات والديناصورات

منذ أخر من 105 عام مضت، وأثناء إشتعال الحرب العالمية الأولي، قررت الدولة العثمانية بالإتفاق مع الإمبراطورية الألمانية، محاصرة الجيش البريطاني المتمركز في مصر، وذلك بدفع السنوسيين، وهم جماعة دينية تتمركز في غرب مصر وليبيا، للقيام ببعض الهجمات علي الواحات البحرية، ما دفع المُقدم "سي. إل. سنو"، قائد خفر السواحل، والمسئول عن حماية الجبهة الغربية بتقديم طلب للجيش البريطاني بإيفاد حملة للتصدي للهجمات السنوسية.

 

بداية يجب أن نعلم ان الحدود الغربية لمصر في عام 1914 لم تكن محددة، وذلك لأن المفاوضات مع العثمانيين كانت قد توقفت بسبب الحرب الإيطالية التركية عامي 1911 و1912، كانت حدود افتراضية امتدت جنوبا من السلوم، إلى الشرق، مجرد صحاري شاسعة تقع جنوب ساحل البحر المتوسط، يتخلل تلك الصحاري عدة واحات خضراء، بعضها كبير للغاية يعيش بها تعداد سكاني كبير، ويتم إدارتها من قِبل الحكومة المصرية، لذا كان من الصعوبة السيطرة عليها في ظل تواجد الكثير من القبائل المتفرقة.

في مطلع الحرب العالمية الأولي، وتحديدًا في عام 1915، كان هناك عدد من المقرات لضباط أتراك وألمان في واحة سيوة، وقوات تتكون من نحو خمسة آلاف جندي، مدعومة بالمدافع الجبلية والرشاشات، وذلك للهجوم على الواحات البحرية والفرافرة والداخلة والخارجة، وفي الخامس عشرة من أغسطس تعرض أحد قادة الغواصة البريطانية لإطلاق نار بالقرب من السلوم، كادت أن تؤدي إلي أزمة دبلوماسية، فإضطر السنوسيين للإدعاء بأنهم لم يستطيعوا التفرقة بين الغواصة البريطانية والقوارب الإيطالية.

 

في خضم تلك المناوشات رأي السير جون ماكسويل، قائد القوات البريطانية في مصر، ضرورة حماية الواحات من هجمات السنوسيين والأتراك والألمان، فقرر إيفاد حملة عسكرية بقيادة الكابتن "وليامز"، والذي قرر بناء معسكرًا عسكريًا أعلي قمة إحدي جبال الصحراء السوداء، والذي سُمي بجبل الإنجليز، وذلك ليتمكن من مراقبة القوات السنوسية التى كانت تهجم على الواحة بين الحين والآخر، لذا قام بإنشاء مبني يتكون من ثلاثة غرف وحمام، يجاورهم بئر مائي روماني اعتمدوا علية.

ويُعد جبل الإنجليز أحد أجزاء محمية الواحات البحرية، والتي تُعد أحد المنخفضات السبعة الرئيسية لصحراء مصر الغربية، وتضم أيضًا جبلي الدست والمغرفة، بالإضافة إلي الصحراء السوداء، ويقع بين قرية منديشة ومدينة الباويطي، وتتمتع بإطلالة بانورامية لكل معالم الواحة، لتهبط الفرمانات والأوامر والقوانين من فوق الجبل على رؤوس أهل الواحة، كما أنها تتميز بقمة سوداء لاحتوائها صخور بركانية قديمة، علي رأسها أحجار الدوليت والبازلت

 

وتعتبر منطقة جبل الإنجليز وما حولها إرث جيولوجي نادر، وذلك بعد اعتمادها كمنطقة أبحاث خاصة بالحفريات الفقارية منذ عام 1910، وهو العام الذي تم فيه اكتشاف أول الديناصورات المصرية، بالإضافة إلي الحيوانات المتحفرة المصاحبة لها، وهي من الديناصورات آكلات اللحوم، والتي تتميز بفقراتها ذات الامتداد الظهري التي تشبه الأشواك، ويعتبر هذا الديناصور هو الأول علي مستوي أفريقيا، قبل أن يتم اكتشاف حفريات أخري لديناصورات في رسوبيات العصر الطباشيري في المغرب والجزائر وتونس وليبيا والنيجر والسودان، كما تم اكتشاف ديناصور أخر آكل للعشب أطلق علية اسم باراليتيتان"، في موقع يبعد حوالي 9 كيلومتر عن مدينة الباويطي، وتم اكتشافه ليعد ثاني أضخم ديناصور في العالم ينتمي للعصر الطباشيري.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية