"السلحفاة المصرية".. ثاني أصغر السلاحف حجما مهددة بالإنقراض

أجمع علماء الحياة البرية علي أن السلحفاة المصرية، أحد أهم أنواع السلاحف البرية، تعاني خطر الإنقراض، حيث تم إدراجها مؤخرًا علي رأس القائمة الحمراء للكائنات الأكثر تعرضًا للإنقراض، فذلك النوع من السلاحف حيوان أليف، صغير الحجم، يتميز بهدوئه وبطء حركته، يعشق الكثيرين تربيته في منازلهم، فأضحى هدفا للصيادين والتجار.

 

وتعد السلحفاة المصرية ثاني أصغر سلحفاة برية في العالم، بعد السلحفاة "الرقطاء"، والتي تستوطن جنوب أفريقيا، رغم إنها صُنفت ضمن الكائنات المهددة بالإنقراض، إلا إنها واسعة الإنتشار، فهي تعيش في مصر من شواطئ البحر المتوسط وحتى منطقة الدلتا وشبه جزيرة سيناء، كما تتواجد في صحراء النقب بجنوب فلسطين، وتنتشر على شواطئ البحر المتوسط في ليبيا، ورغم إنها يمكنها العيش في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية، إلا إنها نادرا ما تتواجد بعيدا عن شواطئ الساحل الشمالي أكثر من 120 كيلومتر.

 

يعتقد الباحثين أن تلك السلحفاة كانت تنتشر قديما في مساحة تصل إلى 123 ألف كيلومتر مربع، لكن بسبب التصحر، وزحف الصحراء الكبرى بغرب أفريقيا نحو الشرق، تقلصت مناطق وجودها حتى اقتصرت على مساحة تصل إلى 16 ألف كيلومتر مربع، وهذه المناطق لا يتعدى معدل هطول المطر فيها عن 50 ملليمتر سنويا، لذلك يمتد انتشاره في مصر بشكل أكبر، لأنها الأكثر برودة ومطرا.

ويمكن التعرف على جنس السلحفاة المصرية بسهولة، فالأنثى أكبر حجما من الذكر، فيبلغ طول صدفتها 14.4 سنتيمتر، ويتراوح وزنها ما بين 300 إلى 350 جرام، بينما يبلغ طول الذكر 10.2 سنتيمتر، ويتراوح وزنه ما بين 160 إلى 250 جرام،  وصدفته أقل عرضا وزيله أطول من الأنثى، لكنهما يتشابهان في أن أصدافهما عالية الارتفاع، وتتدرج ألوان صدفتها ما بين العاجي والذهبي الباهت والبني المائل للأسود والأصفر الخفيف، ويوجد على حوافها خطوط سوداء، أما جسدها فيتدرج ما بين العاج المصفر الباهت إلى البني المصفر، وعادة ما يكون لونها فاتح في المناطق الصحراوية الحارة، بينما في المناطق الأقل حرارة كالجبل الأخضر في ليبيا تكون داكنة اللون.

 

يرتبط نشاط تلك السلحفاة بدرجة الحرارة، فهي تنشط بالأوقات الدافئة، وتستكين تحت الأشجار أو في جحورها في أوقات الحر الشديد أو البرد القارص، ففي فصل الشتاء تنشط وقت الظهيرة، وفي الصيف تنشط في الصباح الباكر وبعد الظهيرة، ويبدأ موسم التزاوج في فصل الربيع، تحديدا في شهر مارس، وتضع الأنثى ما بين بيضة إلى 5 بيضات، وتستغرق الصغار 5 سنوات لتصل إلى مرحلة النضج، ويصل متوسط عمرها في الأسر أكثر من 20 عاما، أما في الحياة البرية فأعمارها غير معروفة.

 

قديما كان ذلك النوع من السلاحف أكثر انتشارا في مصر، لكن التصحر من جانب، وحب المصريين لامتلاكها في منازلهم من جانب آخر تسبب في تعرضها لخطر الانقراض، ما أدي إلي تراجع أعدادها في المنطقة، من أكثر من 55 ألف سلحفاة، إلى أقل من 8 آلاف سلحفاة فقط، أي أنها حققت انخفاضا بلغ حوالي 85%، فالسلحفاة كائن نباتي يتغذى على الأعشاب والخضراوات والفواكه أيضا، ولذلك لا يمكنها الحصول علي أيهم بعد موسم الحصاد، حتى الحشائش التي تنمو طبيعيا دون تدخل البشر تحولت إلى مراعي للأغنام، ولذلك فهي تعاني في البحث عن طعامها، ما ساهم في نفوقها وتراجع أعدادها.

وتعتبر الصقور والطيور الجارحة أكثر من يستهدف السلاحف، باعتبارها الطعام المفضل لهم، والذي لا يأخذ مجهود لتناوله، فكل ما تقوم به هذه الطيور، أن تلتقطها بمخالبها وتطير بها ثم تلقيها علي الصخور، فتتكسر صدفتها ولا يتبقى سوى اللحم، فيسهل أكله.

 

ولحماية ذلك النوع من السلاحف، قامت مصر بسن قانوني رقم 53 لعام 1966 للزراعة، ورقم 4 لعام 1994 للبيئة، وينصا على حظر صيد أو بيع أو نقل ذلك النوع من السلاحف دون إذن رسمي، وتصل العقوبة إلى الحبس 3 سنوات وغرامة من 5 آلاف إلى 50 ألف جنيه، ومصادرة السلاحف المضبوطة وإطلاقها لبيئتها الطبيعية، كما وقعت على معاهدة التجارة العالمية للحفاظ على الأنواع البرية المهددة بالإنقراض، والتي تُعرف بإتفاقية  "سايتس" عام 1975.

 

وبمبادرة فردية من عالم الأحياء "شريف بهاء الدين" رئيس الجمعية المصرية لحماية البيئة، وزوجته عالمة الأحياء "ميندي بهاء الدين"، قاما برعاية 200 سلحفاة، كانت الحكومة ضبطتهم أثناء محاولة بعض التجار بيعهم، ومنحتهم لهما، ولقد قاما بتربيتهم في مزرعة خاصة ثم أطلقوهم في بيئتهم الطبيعية بعد تكاثرهم.

وفي عام 2002، أنشأت وزارة البيئة محطة إكثار في محمية العميد بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح، بدأت هذه المحطة بـ4 سلاحف، واليوم يوجد بها أكثر من 750 سلحفاة، لكل واحدة منها محطة خاصة تقام على مساحة 5 متر مربع، محاطة بسلك شائك، وبها أكواخ من الحجارة الطبيعية تحتمي بها السلحفاة في أوقات البرد القارص والحر الشديد، لتشعر إنها في بيئتها الطبيعية.

 

ومن أنواع السلاحف الأخرى التي توجد في مصر السلحفاة النيلية والسلحفاة الخضراء والترسة، وإن كانت السلحفاة النيلية اختفت من نهر النيل بعد بناء السد العالي، واقتصر تواجدها ببحيرة ناصر، أما السلحفاة الخضراء فتعيش في البحر الأحمر، ويصل طولها إلى 1.5 متر، ويبلغ وزنها 315 كيلوجرام، بينما تعيش الترسة في البحر المتوسط، ويصل طولها إلى 90 سم، ويبلغ وزنها 135 كيلوجرام.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية